زفاف يثير الجدل في الشرقية: عروس تتزوج شابًا من مصاب بمتلازمة داون وسط فرح في قاعة كبرى بالشرقية


في إحدى قرى محافظة الشرقية، جاء الخبر بين الأهالي: شاب من ذوي متلازمة داون يقيم حفل زفافه في قاعة كبرى على فتاة تبدو كاملة الوعي والقدرة، العريس، يبتسم كثيرًا، لا يعرف كيف يخفي توتره، والعروس تجلس بجانبه بثوب أبيض يلمع تحت الأضواء، عينها لا تستقر على مكان، الزينة متكاملة، الدي جي يعلو بالاغاني الشعبية، والناس يصفقون، لكن في عقولهم عشرات الأسئلة، ما الذي يحدث فعلًا؟ من وافق على هذا الزواج؟ وهل يمكن أن يكون نابعًا من حب؟ وهل من حق إنسان يختلف عن الأغلبية أن يعيش هذا الحلم بهذه الكيفية؟ الضجة لم تبدأ من القاعة، بل من أول صورة خرجت وانتشرت على فيسبوك، بعدها بساعات تصدّرت القصة الترند على صفحات التواصل الاجتماعي، العريس أصبح “ترند”، والعروس تحت المجهر، وهل يُبنى الزواج فقط على الطيبة والنية الحسنة؟ إحدى القريبات روت أن الشاب كان يحلم دائمًا أن يتزوج، وكان يتحدث كثيرًا عن العائلة والحب، فهل تحققت أمنيته حقًا؟ أم فقط وجد من يمنحه لحظة حلم مؤقتة؟ وسط تصفيق الحضور وانارة الكاميرات، كان الجميع يبتسمون، لكن قليلين فقط من حاولوا أن ينظروا أعمق، خلف الصور والفيديوهات، خلف الرضا الظاهري، هل هذا زفاف ناتج عن قصة حب، أم عن ضغط عائلي؟ أم ربما عن محاولة فتاة لكسب رضا أهلها؟ ام هناك سبب آخر ؟ القاعة لم تكن ممتلئة فقط بالمدعوين، بل كانت مشبعة بالتناقضات، بالفرح والحيرة، بالحب والشك، بالتصفيق والأسئلة، حتي أن ظهر العريس في لقاء إعلامي لم يتكلم؟ هل هو خائف من الكلام؟ أم أن أحدًا لا يريد له أن يتحدث؟ ولماذا قالت العروس “هو طيب ومحترم” عندما سُئلت عمّا تحب فيه، دون أن تضيف؟ هل هذه كلمات رضا؟ أم كلمات تملأ الفراغ؟ كل هذه الأسئلة لا تزال قائمة، دون إجابة واضحة، لكن الشيء المؤكد أن القاعة تلك الليلة لم تكن فقط مكانًا للاحتفال،
وقيل إن الزفاف كان ترتيبًا عائليًا. وقيل أيضًا إنها كانت مخطوبة من قبل لشخص آخر، ثم تم فسخ الخطوبة فجأة، ليُحدد بعدها موعد الزفاف الجديد مع الشاب المختلف. هل هذه محض إشاعات؟ أم بداية خيوط لحقيقة أكبر؟
وفي رواية أخرى تداولها سكان القرية، قيل إن العروس وافقت بعد ضغط نفسي شديد، وقيل إنها شعرت بالشفقة، خاصة أن العريس كان يُعاملها بلطف شديد خلال زيارات أسرية سابقة. وقالت إحدى جاراتها: “كانت بتبكي يوم كتب الكتاب، بس أمها قالتلها: الجواز سترة”، فهل اختارت الستر؟ أم تخلّت عن شيء أكبر داخلها؟
في قاعة الزفاف، لم يكن هناك بكاء، لكن الكاميرات التقطت لحظة صمت غريبة بين العروسين أثناء إحدى الأغاني. لم ينظرا إلى بعضهما. لم يرقصا معًا. فقط جلسا بجانب بعض، يبتسمان بين الحين والآخر للناس، ثم يعود كلٌ منهما إلى شروده. مشهد غريب، قد يراه البعض عاديًا، لكن في سياق هذه القصة، هو لغز.
ومع ذلك، لم يمنع هذا الأمر عشرات صناع المحتوى من تحويل القصة إلى مادة دسمة، فمنهم من قدّمها كقصة حب ملهمة، وآخرون استغلوها للتنمر والسخرية، وسط جمهور لا يعرف إن كان يبتسم أم يتألم.
الحقيقة الوحيدة التي لا يختلف عليها أحد، أن العريس بدا سعيدًا… على الأقل في الصور. سعادته الطفولية لم تختفِ، لكنه لم يكن يدرك على الأرجح أن صورته صارت حديث بلد، وأن اسمه ارتبط بتريند أثار أزمة مجتمع بأكمله.
وهل من العدل أن نصفها بالبطلة؟ أم بالضحية؟ أم نكتفي بأنها إنسانة اختارت، أو فُرض عليها الاختيار؟
ربما لن نعرف الإجابة أبدًا. فالحكايات الإنسانية لا تُحسم بمنشور أو لقاء. هي ألغاز مفتوحة، لا يسكنها سوى من عاشها. أما نحن، فنبقى متفرجين، نحكم من بعيد، وننسى أن الوجوه المبتسمة على الشاشات قد تخفي وراءها قلوبًا تائهة تبحث فقط عن الأمان.